ما حلً بكَ يا موطني ؟ أين كانت كلُّ تلك الفقاقيع التي تتناثر اليوم فوق ترابك الغالي ؟
ساحة بلدي أصبحت تعجُّ بما يسمًّى بالسلفيِّين، ممّن يعيثون في الوطن فسادا باسم الدّين، من يُحلُّون ما تيسًّر من العادات المجوسيّة في بلدِِ لطالما عاش في كنف اليسر و البساطة.
منذ الانتخابات الديمقراطيّة الشفّافة و نحن نعيش في أضغاث حلمها المزعج. الجميع يريد الاستفاقة منه... آه لو كان مجرّد كابوسِِ، نستيقظ فيتلاشى وهم السلفيّة و قناع الدين الذي يبيح كلّ شيء.. الذي استحلّ هيبة و قدسيّة العلم، الذي أتاح لدعاة الضلالة و الإرهاب أن يمسُّوا من كرامة المواطن (و المواطنة التي يعملون على جعلها مجرّد أمةِِ أو بالأحرى سبيّة من سبايا أمير المؤمنين!). دين الوسطيّة و اليسر الذي فتحنا أعيننا عليه و تربّينا بقيمه و عاداته، أصبح الآن كابوسا، يفرض شعائر و عادات حديثة. أصبح سلاحا يدمِّر العقول ليبعث مكانها عقولا عاجزة، مريضة، يستهويها العنف، فرض الرأي و دحض الرأي الآخر.
كلُّ هذه الأحداث المغلّفة بقناع الدين، حمايته و المحافظة عليه ممّن يريدون به سوءا، ليس سوى سلاح أخرق فلم يوفّق قبل هذا الزمان من أراد تحوير معاني الدين الإسلامي و لا من أراد إخضاع مجتمعنا لإرضاء غرورِِ أو ذات. لطالما كنّا شعبا ينعم بخاصيّتين متكاملتين الاختلاف و الاحترام مع الحفاظ على روح الدعابة! نحن شعب مسالم لكنّ هويّتنا مهدّدة، و روحنا مستنزفة!!!
ببعض الموضوعيّة لا أستثني أو تحديدا لا أنكر أنّ الوضع الرّاهن هو وليد المرحلة المنقضية، التي لم تخل أيضا من محاولة طمس بضع معالم و رموز الشعب امتدّت إلى محاولات لاستئصال الانتماء للوطن الأم.
أنيروا العقول.. أزيلوا الحجاب عن الفكر.. لا تسعوا لطمس هويّتكم فتضيعوا بين الأمم، و لا تنكروا الآخر... ففي التكامل و الاختلاف ينمو صرح الحضارة و يعلو..
يا شعبي العظيم، الذي لطالما أبهر العالم بأفعاله, أمسك مصيرك بين يديك، ضع صورة الجدّ الشهيد أمام عينيك، وامض لصنع حضارتك.
موسيقى أنور براهم _ الحلفاوين
نفيت و استوطن الأغراب في بلدي _ نزار قبّاني
آمنة الميزوني / Emna Mizouni